خصال الإيمان وشعبه تتفق وتلتقي حول هذه النقطة وحول هذا المبدأ، وأعظم الأمن إنما يتحقق بتحقيق توحيد الله تبارك وتعالى، ولهذا قال جل شأنه: ((
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ))[الأنعام:82] والأمن بالألف واللام (أل) هكذا للاستغراق، أي: أن كل الأمن إنما يكون لمن لم يلبس إيمانه بظلم, والظلم هنا هو الشرك كما فسره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لما شق على أصحابه هذا عند نزول الآية السابقة، فقالوا: {
وأينا لم يظلم نفسه}، فصحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أنه أفضل الناس بعد الأنبياء خافوا ألا يكون لهم هذا الأمن، لماذا؟ قالوا: {
وأينا لم يظلم نفسه} وأينا لم يعص الله، ولم يرتكب خطيئةً أو ذنباً، ولكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طمأنهم فقال: {
ليس ذلك، وإنما هو كما قال العبد الصالح :((يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ))[لقمان: 13]} فمن ترك الشرك، ولم يلبس ولم يخلط توحيده بشرك فله الأمن: ((
أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ))[الأنعام:82]، فله الأمن في الدنيا وفي الآخرة، وله الهداية في الدنيا وفي الآخرة.
أما في الدنيا فهو يعيش على الصراط المستقيم فهو من أهل الهداية، وأيضاً من أهل الأمن؛ لأن من لا يخاف إلا من الله تبارك وتعالى فإنه آمن من كل شيء.